أهمية العصا البيضاء فى حياة الكفيف

specialegypt
الصفحة الرئيسية

اليوم العالمى للعصا البيضاء 

إعداد

د. وليد نادى،  دكتوراه فى علم النفس التربوى جامعة القاهرة واستشاري تأهيل ذوى الإعاقة

د. إسراء القاضى،  محاضر بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعية بسوهاج

هل فكرت يومًا في الأهمية التي تحملها العصا البيضاء البسيطة في حياة شخص كفيف؟ رغم أنها قد تبدو لنا كأداة بسيطة، إلا أن العصا البيضاء تمثل في الواقع مفتاحًا لعالم مليء بالإمكانيات والتحديات التي يواجهها المكفوفون يوميًا. دعونا نستعرض معًا كيف تساهم العصا البيضاء في تعزيز استقلالية المكفوفين وتمكينهم من الحركة في حياتهم اليومية.

الكفيف

الكفيف هو الشخص الذي لا يستطيع إدراك الأشياء المحيطة به باستخدام عينيه المجردتين. قد يولد الشخص فاقداً للبصر، أو قد يتدهور بصره تدريجيًا حتى يصل إلى حالة فقدان البصر في مراحل لاحقة من حياته. الكفيف هو أيضًا من يفتقد القدرة على القيام بالأعمال التي تعتمد بشكل أساسي على الرؤية.

تدريب الكفيف على الحركة والتنقل

يحتاج الشخص الكفيف إلى التدريب والتوجيه لتعلم الحركة والتنقل بفعالية. تاريخيًا، كان الشخص المرشد هو الوسيلة الرئيسية لمساعدة الكفيف في التنقل، لكن مع التطور

أصبح الكفيف يعتمد بشكل أكبر على نفسه بفضل البرامج التدريبية المخصصة للحركة والتنقل. تعزز هذه المهارات استقلالية الكفيف وتساهم في تكيفه مع مجتمعه واندماجه في الأنشطة المختلفة.

تدريب الكفيف على الحركة والتنقل


نظرًا لأن الكفيف لا يمتلك خبرة بصرية بالبيئة الطبيعية أو تكون محدودة جدًا، فإنه يعتمد بشكل كبير على حواسه الأخرى لاستكشاف البيئة المحيطة به. إذا لم يطور الكفيف مهاراته في التنقل، سيظل عاجزاً عن الحركة بمفرده، مما يضطره إلى الاعتماد على الآخرين.

لهذا السبب، من الضروري البدء في تدريب الطفل الكفيف منذ سن مبكرة على التنقل داخل البيت، الحي، المدرسة، والمجتمع.

أثناء التدريب المنزلي، يُفضل أن يتحرك الطفل الكفيف حافي القدمين ليتعرف على معالم الأرضية باستخدام باطن القدم، كما يمكنه الاعتماد على حاسة اللمس لتحديد الاتجاهات. إضافةً إلى ذلك، تساعده حاسة السمع على التوجه نحو مصادر الصوت، وكذلك الإحساس بأشعة الشمس والرياح لتحديد موقعه.

لقد استخدم الكفيف عبر العصور العديد من الوسائل لتوجيه ذاته، مثل العصا البيضاء، العصا المزودة بتقنية الليزر، الكلاب المرشدة، الأجهزة الصوتية، والنظارات الصوتية.

اليوم الدولى للعصا البيضاء

يُعد اليوم العالمي للعصا البيضاء مناسبة عالمية تهدف إلى إبراز الدور الحيوي للعصا البيضاء كأداة أساسية تمكّن المكفوفين وضعاف البصر من التنقل بأمان واستقلالية.

كما يسعى هذا اليوم إلى رفع مستوى الوعي حول حقوقهم والتحديات التي يواجهونها يوميًا. يتم الاحتفال بهذا اليوم سنويًا في 15 أكتوبر.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى السادس من أكتوبر عام 1964 أقر الكونجرس الأمريكى قانونًا عامًا رقم 628-88 ينص على أن يكون يوم 15 أكتوبر من كل عام هو أحتفال بيوم عصا الأمان البيضاء. 

وفى عام 1970 أقر الإتحاد الدولى للمكفوفين إعتبار الخامس عشر من أكتوبر من كل عام يومًا عالميًا للكفيف والعصا البيضاء. 

العصا البيضاء

هي أداة بسيطة وخفيفة الوزن مصنوعة من الألمنيوم الخفيف، مما يجعلها سهلة الحمل وقابلة للطي بفضل تصميمها المكون من عدة قطع متداخلة، يجمعها حبل مطاطي قوي. العصا مغطاة بلاصق أبيض عاكس للضوء في الجزء العلوي.

 وباللون الأحمر في الجزء السفلي لتسهيل رؤيتها من مسافة بعيدة، خصوصاً في الليل. يتميز رأس العصا بأنه مصنوع من البلاستيك المقوى، مما يجعله مقاوماً للتآكل الناتج عن الاحتكاك المتكرر بالأرض.

تاريخ العصا البيضاء

تُعد العصا أداة هامة للمكفوفين، حيث تساعدهم في اكتشاف طريقهم وتجنب العقبات أثناء الحركة. من بين تلك الأدوات، تأتي العصا البيضاء المستحدثة، التي يمكن طيها، ويستخدمها المكفوفون في حياتهم اليومية. 

يعود استخدام العصا إلى أقدم العصور، إذ كانت وسيلة يعتمد عليها الإنسان للتنقل. ومع مرور الزمن، استعان بها المكفوفون لتجنب العوائق أثناء المشي.

العصا البيضاء أصبحت رمزًا للمكفوفين، ويحتفل العالم بها في 15 أكتوبر من كل عام. بدأ تطور فكرة العصا البيضاء في عام 1921 عندما قام "جيمس بيجز"، الذي فقد بصره في حادث بإنجلترا، بتغطية عصاه باللون الأبيض لجعلها أكثر وضوحاً للسائقين

مما لفت انتباههم وساعدهم على تجنب الاصطدام به، خاصة أثناء الليل. لاحظ بيجز الفائدة الكبيرة من هذا التعديل، ومن هنا بدأت الفكرة تنتشر.

في عام 1930، طور "جورج ليون" في أمريكا تصميم العصا البيضاء بإضافة اللون الأحمر إلى طرفها السفلي لتصبح أكثر تميزًا. وفي عام 1931، وضع "د. هيربي مومنت" أسلوبًا خاصًا للمشي بالعصا البيضاء، والذي أصبح يُدرَّس في فرنسا. 

مع انتشار هذه الأفكار عبر الصحف البريطانية، أذاعت إذاعة BBC في مايو من نفس العام أن العصا البيضاء أصبحت رمزًا دوليًا لكل مكفوف. بعد ذلك، تبنت مراكز تأهيل المكفوفين حول العالم هذه الفكرة، وبدأت في تعليم المكفوفين كيفية استخدامها للتنقل بأمان واستقلالية.

أهمية العصا البيضاء للمكفوفين

العصا البيضاء هي أداة أساسية تساعد المكفوفين في التنقل، فهي بمثابة بوصلة توجههم لاكتشاف العوائق وتحديد المسافات والاتجاهات. إلى جانب دورها في التوجيه، تمثل العصا البيضاء رمزاً للاستقلالية

حيث تمنح المكفوفين القدرة على التحرك بحرية وتعزز من ثقتهم بأنفسهم. كما أنها وسيلة تواصل غير لفظية مع الآخرين، إذ عندما يرون شخصًا يستخدم العصا البيضاء، يدركون حاجته إلى المساعدة أو حقه في التنقل بأمان وحرية.

يستخدم المكفوفون العصا البيضاء كأداة أساسية للتنقل، حيث تساعدهم على استكشاف الطرق، الأرصفة، والحواجز المختلفة عبر ملامستها وفق تقنية خاصة يتدربون عليها. 

العصا تعزز شعورهم بالأمان، إذ تمكّنهم من اكتشاف العوائق قبل الاصطدام بها. كما تساعدهم على تحديد المسارات من خلال ملامسة الأسطح الخشنة، الجدران، والعلامات الأرضية المميزة. بالإضافة إلى ذلك

تنبه العصا المواطنين المبصرين إلى وجود شخص كفيف في المكان، مما يدعوهم إلى الحذر وتجنب الاصطدام به، أو حتى تقديم المساعدة إذا اقتضت الحاجة.

مميزات العصا البيضاء

  • تيسر للكفيف الحركة بحرية واستقلاله وتمنحه الشعور بالثقة فى نفسه.
  • تجعل الكفيف قادرًا على التنسيق بين حركات أعضاء جسمه وسرعة الاستجابة الجريئة وزيادة نشاطه بحيوية وتحسين مظهره العام.
  • استغناء الكفيف عن اعتماده على المبصرين فى عمليات التحرك مما يزيد شعوره بأنه مقبول اجتماعيًا كفرد من أفراد المجتمع يعتمد على نفسه فى شتى مجالات الحياة اليومية والتخلص من الشعور بمركب النقص والاحتفاظ بأسراره التى قد يطلع عليها المرافق.
  • الرضا عن نفسه نتيجة التغلب على عجزه بالتنقل مستقلاً بعصاه.
  • تهيئة فرصة التفكير المستقل له والاستقلال فى اتخاذ القرارات المتعلقة بمشكلاته الخاصة بنفسه وأنها أيضًا لها قيمتها الاجتماعية.
  • تقبل أقرانه له وتوافقه معهم وتكسبه أيضاً مكانة اجتماعية بين أفراد المجتمع.

من العصا البيضاء إلى تكنولوجيا الـGPS

يفضل الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية التنقل والسفر بشكل مستقل، حيث يشمل التنقل جميع الأنشطة المتعلقة بالحركة الآمنة والسفر سواء لمسافات قصيرة أو طويلة، مع تجنب العقبات والصعود على السلالم والمنحدرات، بالإضافة إلى تصميم بيئات يمكن الوصول إليها بسهولة.

بدأت أدوات المساعدة الأولى لتنقل ذوي الإعاقة البصرية باستخدام عصا طويلة للكشف عن العقبات في الطريق منذ عام 1940م. 

في الآونة الأخيرة، شهدت تقنيات المساعدة على التنقل تطورًا كبيرًا باستخدام تكنولوجيا الليزر، أجهزة الموجات فوق الصوتية، أجهزة الاستشعار عن بعد، نظام GPS، وتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء غير المرئية التي تعتمد على الطول الموجي الكهرومغناطيسي.

من بين هذه التقنيات، يُعد نظام GPS الأكثر استخداماً لدى الأشخاص المكفوفين، نظرًا لتوافره على الهواتف المحمولة، وهو نظام يحدد المسار عبر الأقمار الصناعية

حيث يتكون نظام GPS من 24 قمرًا صناعيًا تدور حول الأرض، ما يساعد الأشخاص المكفوفين في الوصول إلى الأماكن المطلوبة مثل البنوك والمطاعم.

عصا الليزر: تقنية متطورة لدعم المكفوفين في التنقل

هي أداة إلكترونية تشبه العصا البيضاء التقليدية، لكنها تتميز بوجود جهاز ليزر يقوم بتحديد العوائق التي قد تواجه الشخص الكفيف. يعمل الجهاز على إرسال إشعاعات تنبيهية لإخطار الكفيف بوجود عائق أمامه.

 إلى جانب ذلك، يُستخدم المرشد الصوتي كجهاز إلكتروني مكمّل للعصا، حيث يساعد المكفوفين على تحديد العوائق بطريقة صوتية من مسافة تتراوح بين 10 إلى 15 قدمًا. 

كما تُستخدم البوصلة لتحديد الاتجاهات، مما يتيح للكفيف معرفة الممرات، ومواقع الأبنية، والمحلات، والمراكز التجارية، واتجاهات الشوارع. بالإضافة إلى ذلك، تصدر العصا البيضاء المزودة بتقنية الليزر أصواتًا من مكبر صوت مثبت على العصا، تُنبه الكفيف عند مواجهة أي عائق.

خاتمة 

لقد ساهمت العصا البيضاء والتقنيات الحديثة في تمكين المكفوفين من تحقيق درجة أكبر من الاستقلالية والثقة في حياتهم اليومية. فهذه الأدوات لم تقتصر على تسهيل الحركة والتنقل فحسب، بل أصبحت رمزًا للتواصل الاجتماعي والاعتراف بحقوق المكفوفين.

ومع تطور التكنولوجيا، تزداد الآمال في تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وتعزيز قدراتهم على التفاعل مع العالم حولهم بشكل آمن ومستقل، مما يسهم في تحقيق الشمولية والمساواة في المجتمع.

اقرأ ايضا: المكفوفين والأيفون من هنا 

google-playkhamsatmostaqltradent