استخدام الحلقات المتداخلة في التدريس
إعداد/ دكتور وليد نادى - فبراير 2025
يعد نموذج الحلقات المتداخلة أحد النماذج التربوية الحديثة التي تسعى إلى تحسين العملية التعليمية من خلال التركيز على مشاركة الطلاب في بناء المعرفة بدلاً من تلقيها فقط. يهدف هذا النموذج إلى تعزيز الفهم العميق وتحفيز الإبداع لدى الطلاب عبر مراحل متعددة تشمل التأسيس، الترقي والبناء، التثبيت، والتطوير.
فلسفة النموذج
يرتكز نموذج الحلقات المتداخلة على فكرة أن الطالب يجب أن يكون مشاركًا نشطًا في عملية التعلم، وليس مجرد متلقٍ سلبي. لذا، يتم التركيز على تشجيع الطلاب على التعبير عما تعلموه من خلال الكتابة والتفكير النقدي، مما يسهم في تطوير مهارات التفكير العليا كما ورد في تصنيف بلوم للتعلم. من هنا، فإن النموذج لا يعتمد على التلقين، بل على التفاعل والتأمل الذاتي.
مبتكر النموذج
الدكتور ظافر القرني هو أكاديمي سعودي متخصص في مجال التعليم، ويُعرف بتطويره "نموذج الحلقات المتداخلة"، وهو نموذج تعليمي مبتكر يهدف إلى تنظيم سير الحصة الدراسية بالاعتماد على النظرية البنائية، مع دمج مميزات النظرية السلوكية، ليتوافق مع متطلبات الأنظمة التعليمية الحديثة. يتميز هذا النموذج برفع مستوى تحصيل المتعلمين وتحقيق أعلى درجات الجودة في العملية التعليمية.
قدم الدكتور ظافر القرني دورات تدريبية متعددة عبر منصة "بيوهوم" التعليمية، تشمل موضوعات مثل "تدريس علم البيئة"، "مفاهيم الأحياء في الرخصة المهنية"، و"مضادات الأكسدة والسرطان".هدف هذه الدورات إلى تعزيز فهم المتعلمين وتطوير مهاراتهم في مجالات العلوم المختلفة.
إضافة إلى ذلك، ينشط الدكتور ظافر على منصة يوتيوب، حيث يشارك مقاطع فيديو تعليمية تشرح أفكار نموذج الحلقات المتداخلة وتطبيقاته العملية، مما يسهم في نشر المعرفة وتطوير أساليب التدريس الحديثة.
من خلال هذه الجهود، يسعى الدكتور ظافر القرني إلى تحسين جودة التعليم وتقديم استراتيجيات تدريسية مبتكرة تتماشى مع التطورات الحديثة في المجال التربوي.
مراحل نموذج الحلقات المتداخلة
1- التأسيس
في هذه المرحلة، يتم تفعيل المعرفة السابقة لدى الطلاب عن طريق مراجعة الدروس السابقة والتأكد من الفهم الأساسي للموضوعات. يتم ذلك من خلال أسئلة موجهة أو مراجعات فردية أو جماعية، بحيث يتم الربط بين المعرفة الجديدة والمعرفة السابقة. يعد هذا الأمر ضروريًا لضمان أن الطلاب لديهم قاعدة معرفية صلبة يمكنهم البناء عليها.
2- الترقي والبناء
خلال هذه المرحلة، يتم تقديم المفاهيم الجديدة بأسلوب متدرج ومنظم. يتم تحقيق ذلك من خلال النقاشات التفاعلية، الأنشطة التطبيقية، والأمثلة الحية. الهدف هو مساعدة الطلاب على فهم المفاهيم الجديدة بعمق، مع التأكد من تمكينهم من التفكير النقدي والقدرة على تحليل المعلومات.
3- التثبيت
تعد هذه المرحلة اختبارًا فعليًا لمستوى فهم الطلاب. يطلب من الطلاب التعبير عن المفاهيم التي تعلموها باستخدام أساليب مختلفة مثل الكتابة، الرسوم البيانية، الجداول، أو الخرائط الذهنية. خلال هذه المرحلة، لا يُسمح للمعلم بإعطاء معلومات إضافية، حيث يعتمد الطالب على ما تعلمه سابقًا.
4- التطوير
في هذه المرحلة، يتم تحفيز الطلاب على ربط المعلومات بالحياة الواقعية من خلال طرح أسئلة تفاعلية أو مناقشة مواقف حياتية ذات صلة بالدرس. هذه الخطوة تساعد في تنمية مهارات التفكير النقدي وتعزيز الفهم العميق للمفاهيم العلمية.
أهمية الكتابة والتعبير في التعلم
أكدت مبتكر النموذج على أهمية التعبير الكتابي في تعزيز التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب. فبدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، يهدف النموذج إلى تمكين الطلاب من كتابة ما تعلموه بطريقتهم الخاصة، مما يضمن فهمًا أعمق للموضوعات.
كما أشار إلى أن المهارات الكتابية قد تراجعت عبر العقود الماضية بسبب التركيز على التلقين، ولذلك فإن هذا النموذج يسعى لاستعادتها عبر تحفيز الطلاب على التدوين المستمر لمفاهيم الدروس بدلاً من مجرد تتبع المعلم بشكل آلي.
أمثلة عملية على تطبيق النموذج
مثال 1: مادة الكيمياء
• عند تدريس مفهوم الأس الهيدروجيني (pH)، يقوم بعض الطلاب بتلخيص المعلومات على شكل تعريفات كتابية، بينما يختار آخرون رسم مدرج بياني لتوضيح مقياس الأس الهيدروجيني بين 0 و14.
• يتم تعزيز الفهم عبر السماح للطلاب بإضافة ملاحظاتهم الشخصية، مثل تفسيرهم الخاص للعلاقة بين الأحماض والقواعد.
مثال 2: مادة الأحياء
• عند تدريس الجهاز الهضمي، يطلب المعلم من الطلاب رسم الجهاز الهضمي وتوضيح وظائف كل جزء بدلاً من الاكتفاء بتدوين المعلومات.
• يقوم الطلاب بطرح أسئلة تحفيزية، مثل "لماذا تختلف مدة الهضم بين الأطعمة المختلفة؟" مما يعزز التفكير النقدي.
كيفية تطبيق النموذج داخل الفصول الدراسية
لتطبيق نموذج الحلقات المتداخلة بنجاح داخل الفصول الدراسية، يقترح مبتكر النموذج الخطوات التالية:
تحضير الأهداف التعليمية: يجب على المعلم تحديد الأهداف التعليمية بوضوح في بداية الحصة، بحيث تكون سهلة الفهم للطلاب وأولياء الأمور.
تشجيع المراجعة الذاتية: يتم تخصيص وقت للمراجعة الجماعية أو الفردية في بداية الحصة لضمان استرجاع المعلومات السابقة.
استخدام استراتيجيات تفاعلية في التدريس: يمكن أن يشمل ذلك النقاشات، العروض التوضيحية، التجارب العلمية، والأنشطة التعاونية.
تعزيز مهارات الكتابة والتعبير: يتم تخصيص وقت يومي للطلاب للتعبير عن فهمهم للمادة بطرقهم الخاصة.
التقييم المستمر والتطوير: يتم تقديم أسئلة تحفيزية في نهاية الحصة تساعد الطلاب على ربط المفاهيم بالحياة اليومية، مما يعزز التفكير النقدي.
الخاتمة
يعد نموذج الحلقات المتداخلة نهجًا تعليميًا فعالًا يهدف إلى نقل الطلاب من مرحلة التلقين إلى مرحلة الفهم العميق والإبداع. من خلال التركيز على الكتابة، النقاشات التفاعلية، وربط المعرفة بالحياة العملية، يساعد هذا النموذج على إعداد جيل من المتعلمين المستقلين القادرين على التفكير النقدي والابتكار.